أهلا ومرحبا بكم في مجلة زهرة الياسمين

الجمعة، 17 أبريل 2020

أوهام في الزيتون للشاعر الفلسطينية فدوى طوقان


أوهام في الزيتون للشاعر الفلسطينية فدوى طوقان

في السفح الغربي من جبل
(جرزيم) حيث تملأ مغارس الزيتون
القلوب و العيون ، هناك ، ألفت
القعود في أصل كل يوم عند زيتونة
مباركة تحنو على نفسي ظلالها،و تمسح
على رأسي غذ بات أغصانها : و طالما
خيل الي أنها تبادلني الألفة و المحبة،
فتحس أحساسي و تشعر بشعوري.
و في ظلال هذه الزيتونة الشاعرة،
كم حلمت أحلاماً ، و وهمت أوهاماً !.))
هنا،هنا، في ظل زيتونتيتحطّم الروح قيود الثرى
و تخلد النفس الى عزلةيخنق فيها الصمت لَغوَ الورى
هنا، هنا، في ظل زيتونتيفي ضفة الوادي . يسفح الجبل
أصغي الى الكون و لمّا تزلآياته تروي حديث الأزل
هنا يهتم القلب في عالمتخلقه أحلامي المبهمه
لأفقه في ناظري روعةو للرؤى في مسمعي هيمنه
عالم أشواق سماويةٍتطلق روحي في الرحاب الفساح
خفيفةً لا الأرض تثنى لهاخطوا و لا الجسم يهيض الجناح
واهاً : هنا يهفو على مجلسيفي عالم الأشواق روحٌ حبيب
لم تره عيناي لكننيأحسه مني قريباً قريب !
أكاد بالوهم أراه معييغمر قلبي بالحنان الدّ فيق
يمضي به نحو سماء الهوىعلى جناح من شعاع طليق
زيتونتي ،الله كم هاجسٍأوحت به أشواقي الحائره.
وكم خيالات وعى خاطريتدري بها أغصانك الشاعرة
نجيّتي أنت و قد عزّنينجيُ روحي يا عروس الجبل
دعي فؤادي يشتكي بثّهلعل في النجوى شفاءً ، لعلّ !
يا ليت شعري أن مضت بي غداًعنك يد الموت الى حفرتي
تراك تنسين مقامي هناو أنت تحنين على مهجتي ؟!
تراك تنسين فؤداً وعتاسراره أغصانك الراحمات
باركها الله ! فكم ناغمتوهدهدت أشواقه الصارخات
زيتونتي ، بالله إما هفتنحوك بعدي النسمة الهائمة
فاذ ّكري كم نفحتنا معاًعطورها الغامرة الفاغمة
و حين يستهويك طير الربىبنغمةٍ ترعش منك الغصون
فاذّ كري كم طائرٍ شاعرٍألهمه شدودي شجّي اللحون!
تذكّرني كلما شعشعتأوراقك الخضراء شمس الأصيل
فكم أصيل فيه شيعتهابمهجة حرّى و طرف كليل
إن يزوها المغرب عن عرشهافالمشرق الزاهي بها يرجعُ
لكنني ،آها !غداً تنزويشمس حياتي ثم لا تطلع !
ويحي؟ أتطويني الليالي غداًوتحتويني داجيات القبور
فأين تمضي خفقات الهوىوأين تمضي خلجات الشعور
ونور قلبي ،والرؤى والمنىوهذه النار بأعماقيه
هل تتلاشى بدداً كلهاكأنها ما ألهبت ذاتيه؟!
أما لهذا القلب من رجعةللوجد ،للشعر ، لوحي الخيال؟
ايخمد المشبوب من ناره؟واشقوة القلب بهذا المآل !
يا ربّ ، إما حان حين الردىو انعتقت روحي من هيكلي
و أعنقت نحوك مشتاقةًتهفو الى ينبوعها الأول
و بات هذا الجسم رهن الثرىلقىًعلى أيدي البلى الجائرة
فلتبعث القدرة من تربتيزيتونة ملهمةً... شاعره !.
جذورها تمتصّ من هيكليولم يزل بعدُ طرياً رطيب
تعبّ من قلبي أنوارهومنه تستلهم سرّ اللهيب !.
حتى إذا يا خالقي أفعمتعناصري أعصابها و الجذور
انتفضت تهتز أوراقهامن وقدة الحسّ و وهج الشعور
و أفرعت غيناء فينانةمما تروّت من رحيق الحياة
نشوى بهذا البعث ما تأتليتذكر حلماً قد تلاشت روءاه
حلم حياة سربت و انطوتطفّاحة بالوهم .. بالنشوة
لم تك إلاّ نغماً شاجياًعلى رباب الشوق و الصبوة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق