من أدب الشاعرة والكاتبة الآديبة نازك الملائكة
http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=68198
رقم القصيدة : 68198 | نوع القصيدة : فصحى | ملف صوتي: لا يوجد |
لم يزل مجلسي على تّلي الرم | ليّ يصغي إلى أناشيد أمسي |
لم أزل طفلة سوى أنني قد | زدت جهلا بكنه عمري ونفسي |
ليتني لم أزل كما كنت قلبا | ليس فيه إلا السّنا والنقاء |
كلّ يوم أبني حياتي أحلا | ما وأنسى إذا أتاني المساء |
أبدا أصرف النهار على التل | وأبني من الرمال قصورا |
ليت شعري أين القصور الجميلا | ت وهل عدن ظلمة وقبورا؟ |
ايه تلّ الرمال ماذا ترى أب | قيت لي من مدينة الأحلام؟ |
أنظر الآن هل ترى في حياتي | لمحة غير نشوة الأوهام؟ |
ذهب الأمس لم أعد طفلة تر | قب عش العصفور كلّ صباح |
لم أعد أبصر الحياة كما كن | ت رحيقا يذوب في اقداحي |
لم أعد في الشتاء أرنو الى الأم | طار من مهدي الجميل الصغير |
لم أعد أعشق الحمامة إن غّن | ت والهو على ضفاف الغدير |
كم زهور جمعّتها لم تذر من | ها الليالي شيئا سوى الأشواك |
كم تعاليل صغتها فنيت إلا | خيالا يؤود قلبي الباكي |
آه يا تلّ ها أنا مثلما كن | ت فأرجع فردوسي المفقودا |
أي كفّ أثيمة سلبت رم | لك هذا جماله المعبودا |
كنت عرشي بالأمس يا تلّي الرم | ليّ والآن لم تعد غير تلّ |
كان شدو الطيور رجع أناشي | دي وكان النعيم يتبع ظلّي |
كان هذا الوجود مملكتي الكب | رى فيا ليتني أعود إليها |
ليت هذي الرمال تسترجع السح | ر وليت الربيع يحنو عليها |
لم أعد أستطيع أن أحكم الزه | ر وأرعى النجوم في كل ليل |
هل أنا الآن غير شاعرة حي | رى وهل غير هيكلي المضمحلّ؟ |
ذهب الأمس والطفولة واعتض | ت بحسّي الرهيف عن لهو أمسي |
كل ما في الوجود يؤلمني الآ | ن وهذي الحياة تجرح نفسي |
أين لون الزهار لم أعد الآ | ن أرى في الزهار غير البوار |
كلما شمت زهرة صوّر الوه | م لعينيّ قاطف الأزهار |
أين شدو الطيور ما عدت ألقى | في صفاه من يأس قلبي خلاصا |
كل لحن لصادح يتلاشى | في ادّكاري الصّياد والأقفاصا |
أين همس النسيم لم تعد الأن | سام تغري قلبي بحب الجمال؟ |
فغدا يهمس النسيم بموتي | في عميق الهوى وفوق الجبال |
أين مّني مفاتن القمر السا | حر والصيف والظلام المثير؟ |
لم أعد أعشق الظلام غدا أر | قد تحت الظلام بين القبور |
ها أنا الآن تحت ظلّ من الصف | صاف والتين مستطاب ظليل |
أقطف الزهر ان رغبت وأجني الث | مر الحلو في صباحي الجميل |
وغدا ترسم الظلال على قب | ري خطوطا من الجمال الكئيب |
وغدا من دمي غذاؤك يا صف | صاف يا تين أيّ ثأر رهيب |
ذاك دأب الحياة تسلب ما تع | طيه بخلا لا كان ما تعطيه |
تتقاضى الأحياء قيمة عيش | ضمهم من شقاه أعمق تيه |
هي هذي الحياة ساقية السمّ | كؤوسا يطفو عليها الرحيق |
أومأت للعطاش فاغترفوا من | ها ومن ذاقها فليس يفيق |
هي هذي الحياة زارعة الأش | واك لا الزهر, والدجى لا الضياء |
هي نبع الآثام تستلهم الشر | ّ وتحيا في الأرض لا السماء |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق