الأربعاء، 24 نوفمبر 2021

إلى الأحبة تحت الثرى .. بقلم السفيرة الشاعرة د. يسرى الرفاعي / سوسنة بنت المهجر

 ٢٥ نوفمبر ٢٠٢١  ·

تمت المشاركة مع العامة
إلى الأحبة تحت الثرى ..
إلى الأرواح التي أعشقها وأحبها ترقد الأن بهدوء وسلام وأمان تحت الثرى...
أقرأ عليكم وعلى أرواحكم السلام والحب و أخبركم بالإشتياق لأرواحكم الطاهرة ..
دائما عند المساء يراودني خليط وشعور غريب ممزوج بشوقي وحنيني وحزني وألمي لفراقكم .. استنجد بقلمي ومحابري ولكن خاب ظني بأنني سأكتب لكم رسائلي كما يجب فجميع حروف الهجاء وقفت ضدي وخيبت أملي أيضا .لا سيما أنني لا أتقن فن المقدمات والتبريرات ..
فلن أقول سوى أحبكم من أعماق قلبي وادعوا لكم بالرحمة والمغفرة والعفو من الله سبحانه وتعالى فهو أرحم الراحمين
ولن أنسى حبكم لي ولن أنسى بسمتكم ونظراتكم المليئة بالحنان والمعاني الإنسانية ولن أنسى دفئ أرواحكم التي تذكرني بقبضة سنابل القمح الخضراء  في حقول وطني  ..أه لن أنسى ملامحكم وتفاصيلكم التي أحبها  وابتسم من قلبي  حينما أشعر أنكم بألف خير ..
اشعر بالخجل والإحراج لاني لم أقدر على وداعكم بسبب الغربة والبعد الذي  قيدنا كالسجناء ونحن طلقاء في بلاد الله الواسعة ..
كنت دائما أصغي لقصصكم وحكايا المساء التي كانت تروقني وأسعد بها وأحفظها عن ظهر
قلب  لا سيماحينما كنت التقي بكم في بعض الأيام والإيجازات الصيفية ..
لا أنكر أنني كنت أحيانا أضيع بين القصص والحكايا ولكن كانت تستهويني وأعشق نبرة أصواتكم وسعادتكم وأنتم تقصونها والجميع أذان صاغية ..
ومعظم الحكايا والقصص كانت نهايتها سعيدة والقليل كانت نهايتها حزينة ولكن حينما تقصون علينا قصص الوطن وما  حدث فيه في الماضي من نكبات وأحزان وتهجير أحزنني وآلم قلبي أكثر ..كنت أعتب عليكم لماذا لم تخبروننابما سيجري في أيامنا ألم تتنبأوا بذلك
فزماننا لم يكن أفضل من زمانكم وأيامكم،في أيامنا حدثت فيه الكوارث  والزلازل والأعاصير  والقتل والتهحير وسفك الدماء حتى بات شلال الدماء يجري كالنهر ..
وزادت الأمراض الفتاكة، وزادوها بالكورونا التي حصدت عن جنب وطرف رقاب الصغير والكبير دون ان تميز بين خبيث وانسان يحب الخير والاحسان للانسانية ..ولم  تعد طيور الدوري تغرد على أغصان التوت،ولم يعد الحمام ينقر نوافذ الدار ويقف على شرفاتها ، ولم تعد نوارس البحر تغتسل في مياه البحر ،تغير كل شيء وبات متعب ومؤلم  ويحب الهجرة والرحيل .
أتذكر جيدا الفرحة في عيونكم وقلوبكم لأولادنا
حينما كانوا ينجحون ويتفوقون في دراستهم وحياتهم وأعمالهم ..
ما زالت ذاكرتي تحتضن بعض االتفاصيل الصغيرة والكبيرة التافهة والمملة،، البسيطة والمهمة ..اشتاق لمناداتك لي يا وردة الدار متى أجازتكم هذه السنة لا تتأخروا علينا إشتقنا لكم ..
ما زال صوتك يرن في أذني وعبير أنفاسك وأريج يديك الطاهرة ..أه اشتاق جدا  لحلاة وعذوبة روحك ومرحها مع الجميع بلطف وعناية ..
فكرة موتك وفقدك ما زالت تؤلمني وترهقني لاسيما أنه وصلني خبر وفاتك بعد اتصالنا الإخير بنصف ساعة ..
لو كنت أعلم بالغيب وأن عمرك قد انتهى لمنحتك  عمري بكل حب ورضا .. يؤلمني جدا حينما كنت في غربتي بعد فقدك ورحيلك الى عالم السكينة والهدوء جنات الفردوس الأعلى أن أسال عن والدتي الحنونة ولا أسال عليك، وإنما بتنا نترحم عليك ونطلب لك العفو والمغفرة دائما ..
آه كم أشتاق لفنجان قهوة من يدك ومجالستك على فرندة منزلي والتجوال في حديقتي كل شيء حولي مشتاق لك ومتلهف لملاقاتك . وكم من الأحلام قتلت وماتت ودفنت بموتك ..صدقني لم ندرك أبدا أن لحظات السعادة بسيطة وقليلة لكنا استغلينا كل دقيقة وكل لحظة سعادة لنؤرخ فيها لحظات الود والسعادة  والتواصل والتراحم بين القلوب الطيبة نؤرخ لحظات العفوية والبراءة ..الآ يكفي تبديد أحلامنا البسيطة وتناثرها في الهواء ..
لا أنكر أنني كل يوم أشعر أنه ينقصني شيء لن يعود فقدت معه كل شيء جميل في حياتي . أشعر أنني فقدت عبير شيء كان جميل جدا  ومحبب لروحي وقلبي . فالغربة أعطتنا وأخذت منا وتركتنا نتلوى في ألم وحسرة
ولم ترحم قلوبنا وضعفها .. فالحزن والألم بعيدا عن أرض الوطن يكون له مذاق مختلف مؤلم وخانق ،مراره كالحنظل ،
موحش كظلمة القبور  وظلام السجون وظلمها وقسوتها ،،
آه من ليل الغربة كم كان طويلا مؤرقا للجفن والروح يغرقنا في بئر الأحزان والدموع وأغادير الشوق والحنين لمن رحلوا وفارقونا . فمن يخفف عنا قسوة الفراق والرحيل الأبدي  سوى أن نغتسل بدموع قلوبنا وأحداقنا خشية موت قلوبنا اختناقا بضجيجها ..
رحم الله من فقدنا وغفر لهم وأسكنهم فسيح جناته
آمين يارب واجمعنا بهم في عليين مع الانبياء والشهداء والصالحين  أمين يارب .
يسرى محمد الرفاعي
سوسنة بنت المهجر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق