أرض البرتقال الحزين رواية لــ غسان كنفاني
تعد قصة أرض البرتقال الحزين العمود الفقري لهذه المجموعة حيث كانت ملتحمة بسيرة غسان كنفاني لكنها في نفس الوقت تؤرخ لمعاناة الفلسطيني المهجر بشكل عام استعمل فيها أساليب قصصية مستحدثة إذ استغل ضمير المخاطب عوض المتكلم للحديث عما شهده في طفولته وكانت شخصيته مجرد انعكاسا للأحداث وليس له اي فعل كما عبر عن موقفه من جيل أبيه المهزوم وقد حمل عبر رمز البرتقال كل ملامح الشخصية الفلسطينية
مقتطف من الرواية
صعد الرجل الهام الدرجات القليلة إلى بيته فتح له الباب ألقي محفظته الجلدية فوق الطاولة قبل زوجته نظر إلى طفله النائم في الحرير الأزرق فك رباط عنقه على المشجب فرك يديه مستمتعاً بالدفء.
- أتريدأن تتناول عشاءك الأن؟
- أوه نعم أنا جائع جداً..
استدارت زوجته ذاهبة الي خارج الغرفة رغرغ الصغير في حريره الأزرق أصوات الصحون تأتي اليه مخدرة من وراء باب غرفة الطعام ثم صوت زوجته:
-هل مسكتموه؟
-من.
-الشاب الذي قفز من النافذة أثناء التحقيق..
- ليس بعد ولكن أين يريد أن يفر؟ سيكون ماله الينا بين ساعة وأخري..
-ماذا كانت جريمته بالضبط؟
- من أين لي أن أدري؟ لقد طلب مني مقابلتي ثم هرب..
قام عن الكرسي الوثير انتعل شحاطته ذات الفرو اجتاز الباب الي غرفة الطعام جلس في كرسيه المفضل قرب وجهه من صحن الحساء واستمتع بالبخار المتصاعد منه..
-هذا الحساء ساخن جداً سيحرقني.
-عليك ان تنتزر برهة..
-أنا مرهق جداً اليوم.
تراخي في كرسيه وأحس بثقل يتمدد في جفنيه سمع صوت شباك ينغلق بعنف زوجته تنسي دائما شباك الحمام مفتوحاً فتلعب به الريح.. أحس برغبة جامحة في النوم... كين استطاع ذلك الشقي أن يثب من الشباك دون أن يؤذي نفسه ؟ كلهم شياطين مجرمون...
-((سوف القي خطاباً أمامك))
سمع هذه الجملة برضوح فحاول أن يرفع راسه إلا أنه كان مستمتعاً بالدفء والنعاس سأل نفسه: تراه من يكون!)) ومرة أخري لم يشأ أن يرفع رأسه رغم أنه أحس بشيء من الرعب.. كان بخار الحساء ما زال يتصاعد فيحمل الي وجهه نكهة رطوبة دافئة قال لنفسه (( لا شك أنهم أمسكوا ذلك الشاب.. أنا أفكر به الأن لأن حاستي السادسة نامية أنا أثق بها))..
-((لن تقاطعني ياسيدي أليس كذلك؟ أريد أن ألقي خطاباً))
-(( لا لن أقاطعك))
لم يعد بوسعه الأن أن يفتح عينيه ورغم ذلك فهو لم ينم بعد انها اللحظات القليلة العائمة التي تسبق النوم مباشرة هكذا فكر انه يعرف جيداً هذه اللحظات ويمتصها نصف واع حتي الثمالة..- (( إسمح لي ياسيدي أن ارتجف أمامك ريثما يبرد الحساء أنت لن تمنعني من الارتجاف أليس كذلك؟ انه حق ما زال متوفراً لي حتي الأن.. شئ مؤسف ولكنه حقيقة واقعة.. ان رجالك لا يستطيعون أن يمنعوني من ذلك اعتقد أنهم يرغبون في ذلك.. أليس الارتجاف حركة؟ ولكن كيف يتعين عليهم أن يفعلوا؟ ايعطونني معطفاً؟ كيف؟ يعطون الخنزير معطفاً؟))
هز رأسه في محاولة عنيفة لابعاد الصوت الحاد إلا أن الحروف كانت تتكلب في صدغية كالعلق..
0(( لا ياسيدي لا تحاول أن تستدعي كاتبك ليحمل لك الملف الذي يحتوي علي كل التفاصيل الهامة وغير الهامة لحياتي.. تريد أن تعرف شيئاً عني؟ هل يهمك ذلك؟ احسب علي أصابعك إذن: لي أم ماتت تحت أنقاض بيت بناه لها أبي في صفد أبي يقيم في قطر أخر وليس بوسعي الالتحاق به ولا رؤيته ولا زيارته لي اخ يا سيدي يتعلم الذل في مدارس الوكالة لي أخت تزوجت في قطر ثالث وليس بوسعها أن تراني أو تري والدي لي أخ أخر ياسيدي في مكان ما لم يتيسر لي أن أهتدي اليه بعد.. تريد أن تعرف جريمتي؟ هل يهمك حقاً أن تعرف أم أنت فضولي بريء ياسيدي؟ لقد سكبت دون أن أعي كل محتويات وعاء الحليب فوق رأسي الموظف وقلت له أنني لا أريد بيع وطني في لحظة جنون أم لحطة عقل لا أدري لقد وضعوني في زنزانة سحيقة العمق لكي أقول انها لحظة جنون ولكنني في تلك الزنزانة تيقنت أكثر من أية لحظة مضت بأنها كانت لحظة العقل الوحيدة في حياتي كلها.
- أتريدأن تتناول عشاءك الأن؟
- أوه نعم أنا جائع جداً..
استدارت زوجته ذاهبة الي خارج الغرفة رغرغ الصغير في حريره الأزرق أصوات الصحون تأتي اليه مخدرة من وراء باب غرفة الطعام ثم صوت زوجته:
-هل مسكتموه؟
-من.
-الشاب الذي قفز من النافذة أثناء التحقيق..
- ليس بعد ولكن أين يريد أن يفر؟ سيكون ماله الينا بين ساعة وأخري..
-ماذا كانت جريمته بالضبط؟
- من أين لي أن أدري؟ لقد طلب مني مقابلتي ثم هرب..
قام عن الكرسي الوثير انتعل شحاطته ذات الفرو اجتاز الباب الي غرفة الطعام جلس في كرسيه المفضل قرب وجهه من صحن الحساء واستمتع بالبخار المتصاعد منه..
-هذا الحساء ساخن جداً سيحرقني.
-عليك ان تنتزر برهة..
-أنا مرهق جداً اليوم.
تراخي في كرسيه وأحس بثقل يتمدد في جفنيه سمع صوت شباك ينغلق بعنف زوجته تنسي دائما شباك الحمام مفتوحاً فتلعب به الريح.. أحس برغبة جامحة في النوم... كين استطاع ذلك الشقي أن يثب من الشباك دون أن يؤذي نفسه ؟ كلهم شياطين مجرمون...
-((سوف القي خطاباً أمامك))
سمع هذه الجملة برضوح فحاول أن يرفع راسه إلا أنه كان مستمتعاً بالدفء والنعاس سأل نفسه: تراه من يكون!)) ومرة أخري لم يشأ أن يرفع رأسه رغم أنه أحس بشيء من الرعب.. كان بخار الحساء ما زال يتصاعد فيحمل الي وجهه نكهة رطوبة دافئة قال لنفسه (( لا شك أنهم أمسكوا ذلك الشاب.. أنا أفكر به الأن لأن حاستي السادسة نامية أنا أثق بها))..
-((لن تقاطعني ياسيدي أليس كذلك؟ أريد أن ألقي خطاباً))
-(( لا لن أقاطعك))
لم يعد بوسعه الأن أن يفتح عينيه ورغم ذلك فهو لم ينم بعد انها اللحظات القليلة العائمة التي تسبق النوم مباشرة هكذا فكر انه يعرف جيداً هذه اللحظات ويمتصها نصف واع حتي الثمالة..- (( إسمح لي ياسيدي أن ارتجف أمامك ريثما يبرد الحساء أنت لن تمنعني من الارتجاف أليس كذلك؟ انه حق ما زال متوفراً لي حتي الأن.. شئ مؤسف ولكنه حقيقة واقعة.. ان رجالك لا يستطيعون أن يمنعوني من ذلك اعتقد أنهم يرغبون في ذلك.. أليس الارتجاف حركة؟ ولكن كيف يتعين عليهم أن يفعلوا؟ ايعطونني معطفاً؟ كيف؟ يعطون الخنزير معطفاً؟))
هز رأسه في محاولة عنيفة لابعاد الصوت الحاد إلا أن الحروف كانت تتكلب في صدغية كالعلق..
0(( لا ياسيدي لا تحاول أن تستدعي كاتبك ليحمل لك الملف الذي يحتوي علي كل التفاصيل الهامة وغير الهامة لحياتي.. تريد أن تعرف شيئاً عني؟ هل يهمك ذلك؟ احسب علي أصابعك إذن: لي أم ماتت تحت أنقاض بيت بناه لها أبي في صفد أبي يقيم في قطر أخر وليس بوسعي الالتحاق به ولا رؤيته ولا زيارته لي اخ يا سيدي يتعلم الذل في مدارس الوكالة لي أخت تزوجت في قطر ثالث وليس بوسعها أن تراني أو تري والدي لي أخ أخر ياسيدي في مكان ما لم يتيسر لي أن أهتدي اليه بعد.. تريد أن تعرف جريمتي؟ هل يهمك حقاً أن تعرف أم أنت فضولي بريء ياسيدي؟ لقد سكبت دون أن أعي كل محتويات وعاء الحليب فوق رأسي الموظف وقلت له أنني لا أريد بيع وطني في لحظة جنون أم لحطة عقل لا أدري لقد وضعوني في زنزانة سحيقة العمق لكي أقول انها لحظة جنون ولكنني في تلك الزنزانة تيقنت أكثر من أية لحظة مضت بأنها كانت لحظة العقل الوحيدة في حياتي كلها.
اسم الرواية: ارض البرتقال
المؤلف: غسان كنفاني
الناشر:مؤسسة الأبحاث العربية
تاريخ الاصدار:1962
الحجم:2 ميجا بايت
المؤلف: غسان كنفاني
الناشر:مؤسسة الأبحاث العربية
تاريخ الاصدار:1962
الحجم:2 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق